– كلمات في الدعوة إلى الله –
– الإخلاص وما يضاده.
أخي المسلم: إن من شَرط قبول العمل أن يكون العمل خالصاً لله عزوجل ، وأن يكون متابعاً لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولا يسمى العمل صالحاً ولا يكون متقبلاً إلا بهذين الشرطين الإخلاص والمتابعة.
فالإخلاص شرط من شرطي قبول العمل.
قال تعالى: (فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص)
وقال تعالى: (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين)
وقال تعالى: (وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين).
-دلت هذه الآيات: على شرطية الإخلاص في العمل ، وأن الله عزوجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لله وحده لا شريك له.
وفي الحديث عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتُغي به وجهه)
رواه النسائي(٢٩٤٣)
وحسنه العراقي في تخريج الإحياء(٤/٣٢٨)والألباني في الصحيحة(٥٢)
قال ابن رجب في الجامع(٢٥): سنده جيد.اهـ
– والإخلاص يضاده الشرك والرياء.
والرياء: هو عمل العمل ليراه الناس.
ومنه السمعة ، والسمعة عمل العمل ليسمع الناس.
والرياء والسمعة من الأخلاق المذمومة شرعاً ، فإن
مَن راءى الناس بعمله ، راءى الله به ، ومن سمع الناس بعمله ، سمع الله به ، كما جاء ذلك في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (مَن سمع ، سمع الله به ، ومن راءى ، راءى الله به) رواه مسلم(٢٩٨٦)
وفي رواية لابن ماجه(٤٢٨١) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من يُسمع ، يسمع الله به ، ومن يُراء ، يراء الله به) ، صححه الألباني في سنن ابن ماجه(٤٢٨١).
– العمل إذا كان لغير الله له حالات:
– الحالة الأولى: أن يكون الرياء محضاً ، بحيث لا يراد به سوى مراءاة الناس.
قال الحافظ ابن رجب في الجامع(٢٥): وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه مستحق المقت من الله والعقوبة.اهـ
– الحالة الثانية: أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء.
قال الحافظ ابن رجب في الجامع(٢٥): وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وحبوطه ، وممن رُوي عنه هذا المعنى وأن العمل إذا خالطه شيء من الرياء كان باطلاً طائفة من السلف منهم: عبادة بن الصامت وأبو الدرداء والحسن وسعيد بن المسيب وغيرهم ، ولا نعرف عن السلف في هذا خلافاً.اهـ
قال تعالى: (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صـٰلحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يقول الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)
رواه مسلم(٢٩٨٥) وفي لفظ لابن ماجه(٤٢٧٧) (فأنا منه بريء وهو للذي أشرك) صححه الألباني في سنن ابن ماجه(٤٢٧٧)
– الحالة الثالثة: أن يكون أصل العمل لله وحده ثم طرأ عليه الرياء ، فهذا إن دفع الرياء لم يضره ، وإن استرسل معه قيل ما كان قبل الرياء فهذا مقبول ، والذي خالطه الرياء غير مقبول.
– الحالة الرابعة: أن يكون الرياء بعد انتهاء العبادة ، وهذا لا يؤثر ، إلا أن يكون فيه عدوان كالمن والأذى بالصدقة فيبطلها ، قال تعالى: (يـٰأيها الذين ءامنوا لا تُبطلوا صدقـٰتكم بالمن والأذى).
– مفاسد الرياء:
الرياء له عدة مفاسد منها:
– أولاً: الرياء شرك أصغر.
عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (كنا نعد الرياء على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام الشرك الأصغر)
قال الحافظ الهيثمي في المجمع(١٠/٢٢٢): أخرجه الطبراني في الأوسط والبزار ورجالهما رجال الصحيح غير يعلى بن شداد وهو ثقة.اهـ
– وعن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء)
رواه أحمد(٥/٤٢٨) قال الهيثمي في المجمع(١/١٠٢): رجاله رجال الصحيح.اهـ
– وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: (ألا أُخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟) قالوا: بلى. قال: (الشرك الخفي ، يقوم الرجل فيُصلي فيُزين صلاته لما يرى من نظر رجل)
رواه أحمد(١١٢٥٢) وابن ماجه(٤٢٧٩)
قال الحافظ الهيثمي في المجمع(١/٣١٥): رواه أحمد ورجاله موثقون.اهـ
وحسنه البوصيري في مصباح الزجاجة(٣/٢٩٦) والألباني في سنن ابن ماجه(٤٢٧٩)
قال العلامة ابن عثيمين في القول المفيد(٤٢٦): الرياء من الشرك الأصغر ، لأن الإنسان قصد بعبادته غير الله ، وقد يصل إلى الأكبر.اهـ
– ثانياً: الرياء كبيرة من كبائر الذنوب.
قال الحافظ الذهبي في كتاب الكبائر(١٣٢): الكبيرة الثالثة والثلاثون: الرياء.
– ثالثاً: الرياء من صفات المنافقين.
قال الله سبحانه تعالى في وصف المنافقين: (وإذا قاموا إلى الصلوٰة قاموا كُسالى يُراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً)
كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
٢٩ ربيع الثاني ١٤٣٨هـ